نحن نغيّر منظورك: قصة تقبُّل التغيير (أو مقاومته)
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
نحن نغيّر منظورك: قصة تقبُّل التغيير (أو مقاومته)
كان يومًا ماطرًا من أيام الثلاثاء في أكتوبر حين سمعت مايا لأول مرة الجملة: «نحن نغيّر منظورك». كانت جالسة في غرفة اجتماعات مضاءة بمصابيح فلورسنت، تمسك بكوب قهوة فاتر، تستمع إلى المدير التنفيذي لشركتها وهو يعلن عن مبادرة واسعة النطاق للتحول الرقمي. بدت الجملة شاعرية — بل ملهمة تقريبًا — لكن بالنسبة لمايا، شعرت وكأنها تهديد.
لقد أمضت اثنتي عشرة سنة في إدارة مكتب خدمة العملاء باستخدام سجلات ورقية، واجتماعات وجهاً لوجه، ودفتر عناوين لم يُحدَّث منذ عام 2012. التغيير؟ لقد رأت الاتجاهات تأتي وتذهب. لكن هذا — كان مختلفًا. لم يكن مجرد برنامج جديد أو إعادة تسمية. بل كان تحوّلًا جوهريًّا في طريقة رؤيتهم لعملهم، ولعملائهم، بل وحتى لأنفسهم.
بينما كانت تعود إلى مكتبها، والمطر يتقاطر من مظلّتها على أرضية البلاط، تساءلت مايا: هل التغيير أفضل حقًّا؟
راحة المألوف
إن البشر مبرمجون على الاستقرار. فعقولنا تحافظ على الطاقة من خلال الاعتماد على الروتين والعادات والأنماط المألوفة. ويُطلق على هذه الظاهرة علماء الأعصاب اسم «السهولة المعرفية» — وهي حالة يعمل فيها العقل بأقل جهد ممكن لأنه يسلك طرقًا مألوفة [1]. بالنسبة لمايا، لم يكن دفتر العناوين القديم مجرد أداة عفا عليها الزمن — بل كان رمزًا للثبات. كانت تعرف كل عميل بصوته، بقصته، بإيقاع شكواه ومدحه.
ويوضح عالم النفس دانيال كانيمان، في عمله الرائد «التفكير السريع والبطيء»، أن «النظام 1» في تفكيرنا — السريع، الحدسي، والعاطفي — يفضّل الوضع الراهن لأنه يشعر بالأمان [2]. أما التغيير، فيفعّل «النظام 2» — البطيء، المتعمد، والمجهد. فلا عجب أن مايا شعرت بالإرهاق لمجرد سماع كلمة «تحول».
«الدماغ آلة تنبؤ. يحب أن يعرف ما سيحدث بعد ذلك. إن عدم اليقين مكلف استقلابيًّا.»
— الدكتورة ليزا فيلدمان باريت، عالمة الأعصاب ومؤلفة كتاب «كيف تُصنع المشاعر» [3]
المحفّز: حين يجدك التغيير
في البداية، حاولت مايا تجاهل التغييرات. حافظت على سجلاتها الورقية، ورفضت بلطف حضور جلسات التدريب، وتمتمت بينها وبين نفسها عن «الترقيات غير الضرورية». لكن بعد ذلك، حدث تحوّل. اتصلت بها عميلة قديمة — مُعلّمة متقاعدة تُدعى إليانور — في حالة من القلق. تم تصنيف حسابها من قِبل النظام الذكي الجديد على أنه «منخفض الأولوية» لأنها نادرًا ما كانت تقوم بمشتريات كبيرة.
لكن مايا كانت تعرف أفضل من ذلك. كانت إليانور عميلة لدى الشركة منذ 35 عامًا. كانت تدفع فواتيرها في موعدها، وتُوصي بجيرانها، بل وأرسلت ذات مرة بطاقات شكر مكتوبة بخط اليد للفريق خلال العطلات. لكن الخوارزمية لم ترَ الولاء — بل رأت حجم المعاملات فقط.
في تلك اللحظة، أدركت مايا أن المشكلة لم تكن في التغيير ذاته، بل في كيفية تطبيقه — دون سياق إنساني، دون تعاطف، دون منظور.
تغيير العدسة، وليس الأدوات فحسب
قررت مايا حضور جلسة التدريب التالية — ليس طاعةً، بل للفهم. تعلّمت أن النظام الجديد يمكنه في الواقع تتبع مشاعر العملاء، وقيمتهم طوال فترة تعاملهم، بل وحتى تسجيل تفاصيل شخصية مثل أعياد الميلاد أو أسماء الحيوانات الأليفة. التكنولوجيا لم تكن لتحل محل التواصل الإنساني؛ بل كانت مصممة لتعزيزه — إذا استُخدمت بحكمة.
بدأت مايا بالتجربة. أضافت ملاحظات عن قط إليانور، السيد ويسكرز. ووسمت الحسابات ذات التاريخ الطويل باعتبارها ذات أولوية خاصة. تدريجيًّا، لاحظ زملاؤها ذلك. ارتفعت درجات رضا العملاء الخاصة بها بشكل كبير. ودعاها المدير التنفيذي للانضمام إلى فريق «سفراء التغيير».
ما اكتشفته مايا يتماشى مع أبحاث مجلة هارفارد بزنس ريفيو: إن التغيير التنظيمي الناجح لا يعتمد على الأدوات أو العمليات وحدها، بل على تحوّل العقليات [4]. عندما يشعر الناس بأن آراءهم مسموعة وأنهم جزء من عملية التغيير، تتحول المقاومة إلى ملكية.
هل التغيير دائمًا أفضل؟
إليك الحقيقة غير المريحة: ليس كل تغيير جيدًا. أحيانًا، تحتفظ «الطريقة القديمة» بحكمة تتجاهلها الابتكارات. فكّر في حالة شركة بلوكتبستر التي رفضت نتفليكس عام 2000 — أو شركة كوداك التي اخترعت الكاميرا الرقمية لكنها فشلت في استغلالها [5]. في الحالتين، كان التغيير ضروريًّا، لكن المنظور كان خاطئًا: رأوا الاضطراب كتهديد، لا كفرصة.
من ناحية أخرى، تستحق بعض التقاليد الحفاظ عليها. فالمجتمعات الأصلية، على سبيل المثال، تحافظ على معرفة بيئية تناقلتها الأجيال — معرفة بدأت العلوم الحديثة للتو في التحقق منها [6]. إن ملاحقة «التقدّم» بشكل أعمى قد تمحو منظورات قيّمة.
لذا، هل التغيير أفضل؟ يعتمد ذلك على عدستك.
«التغيير ليس جيدًا أو سيئًا بحد ذاته. إنه مرآة. يُظهر لنا ما نقدّره — وما نحن مستعدون لخسارته.»
— مستوحى من مارغريت ويتلي، خبيرة القيادة
قوة تحوّل المنظور
إن المَرُونة العصبية — قدرة الدماغ على إعادة تشكيل نفسه — تعني أن بإمكاننا حرفيًّا تغيير طريقة رؤيتنا للعالم [7]. عندما توقفت مايا عن رؤية النظام الجديد كبديل، وبدأت في رؤيته كأداة لتعزيز التواصل، تغيّر كل شيء.
هذا يتماشى مع نتائج علم النفس الإيجابي. تُظهر الدراسات أن إعادة صياغة التحديات كفرص يزيد من المرونة والرفاهية النفسية [8]. ليس هذا إنكارًا — بل هو تحوّل متعمد في المنظور.
قصة مايا ليست فريدة. ففي مختلف القطاعات، يزدهر أولئك الذين يغيّرون منظورهم — وليس سلوكهم فقط — وسط الاضطراب. يسألون أنفسهم: ماذا يمكنني أن أتعلّم؟ كيف يمكن لهذا أن يخدم قيمي؟ من قد أصبح من خلال هذا التغيير؟
متى نقاوم التغيير
لكن تحوّل المنظور لا يجب أن يعني القبول الأعمى. يتطلب التغيير الأخلاقي التمييز. اسأل نفسك:
- هل يتماشى هذا التغيير مع قيمي الأساسية؟
- من يستفيد، ومن قد يُضرّ؟
- هل يُدار هذا التغيير بدافع حاجة حقيقية أم لمجرد اتباع الموضة؟
كما تكتب الكاتبة والناشطة أدريين ماري براون في كتابها «الاستراتيجية الناشئة»: «التغيير ثابت. لكن ليس كل تغيير نموًّا» [9]. أحيانًا، يكون أكثر الأفعال جرأة هو أن تقول: ليس بهذه الطريقة.
تعلّمت مايا هذا الدرس حين اقترحت الشركة إلغاء الدعم الهاتفي بالكامل لصالح روبوتات الدردشة. فعارضت — ليس خوفًا، بل من واقع التجربة. «بعض عملائنا الأكثر ضعفًا،» جادلت، «بحاجة إلى صوت بشري.» ساعد منظورها في تشكيل نموذج هجين حافظ على الكفاءة والتعاطف معًا.
الدعوة
«نحن نغيّر منظورك» لا يجب أن تكون مجرد شعار مؤسسي. يمكن أن تكون دعوة — لترى بشكل مختلف، لتساءل افتراضاتك، لتبحث عن المعنى في التحوّل.
التغيير ليس أفضل تلقائيًّا. لكن الاستعداد لتغيير منظورك غالبًا ما يكون كذلك. إنه يفتح أبوابًا للابتكار دون محو الحكمة. ويُنشئ جسورًا بين الأجيال والتكنولوجيا ووجهات النظر.
ما زالت مايا تحتفظ بدفتر عناوينها على مكتبها — ليس للاستخدام، بل كتذكير. تذكير بأن الأدوات تتطور، لكن التواصل الإنساني يظل البوصلة. وأحيانًا، يكون أقوى تغيير ليس خارجًا في العالم — بل هنا، خلف عيوننا.
«أعظم اكتشاف في جيلي هو أن بإمكان الإنسان أن يغيّر حياته بتغيير مواقفه الذهنية.»
— ويليام جيمس، الفيلسوف وعالم النفس [10]
تعليقات